التنوع الثقافي - جذع مشترك علمي | مادة الفلسفة

مدخل :

يعد مصطلح الحضارة رغم شيوع استعماله من المصطلحات التي يصعب الاتفاق على تعريفها، فالحضارة الإنسانية منقسمة في فعاليات متنوعة تتمثل في تعدد المعتقدات واللغة،الدين،القانون، الفنون، التقنية، العادات والتقاليد والأعراف والنظم الاقتصادية والسياسية. فكل مجتمع إذن يسعى جاهدا نحو الحفاظ على هويته وما يميزه ويعطيه خصوصيته واستقلاله عن باقي الثقافات الأخرى.إن التشبث بالهوية والخصوصية والمحلية، لا يعني الانغلاق والتقوقع، فمعظم المجتمعات تعمل على الانفتاح على الثقافات الأخرى في إطار التعايش والتثاقف والإيمان بالحوار والحق في الاختلاف.


تحليل نص إرنست كاسيرر: الحضارة الإنسانية وحدة وتنوع (104)
صاحب النص :
إرنست كاسير، (1874-1945) فيلسوف ألماني، اهتم بالبحث في مشكلات الفلسفة والعلوم والفن والتاريخ، من كتبه "فلسفة الأشكال الرمزية" و "مشكلة المعرفة".

إشكالية النص :
ما هي مكونات الحضارة الإنسانية حسب كاسيرر..؟ وكيف يمكن للحضارة الإنسانية أن تجمع بين الوحدة والتنوع ؟

أطروحة النص:
الحضارة الإنسانية هي تعدد وتنوع من الإنتاجات البشرية والتي لا حصر لها إلى درجة تجعل المتأمل لها يعتقد أنه من المستحيل ردها إلى مقام مشترك غير أن التركيب الفلسفي هو وحدة من يعمل على توحيد هذا الغنى وهذا التعدد والتنوع الثقافي.

فهم النص
1.    الفكرة التي ينطلق منها النص وتثبت تنوع الإنتاجات الثقافية في الحضارة الإنسانية هي : لا ريب في أن الحضارة الإنسانية متقسمة في فعاليات متنوعة تتجه اتجاهات مختلفة.
2.     الحل الذي يقترحه صاحب النص لتجاوز مسألة تعدد الثقافة وانقسامها : هو ردها إلى مقام مشترك أو طابع عام تتفق فيه جميعا وتنسجم.
3.    تسعى عملية التركيب الفلسفي في تعاملها مع المنتجات الثقافية المتنوعة إلى : البحث في وحدة العمل الثقافي وفي وحدة العملية الإبداعية ففي مثل ذلك التركيب لا نسعى إلى وحدة النتائج بل إلى وحدة العمل. ولا وحدة المنتوجات بل وحدة العملية الخلاقة.

 البنية الحجاجية :
استعمل صاحب النص مجموعة من الاساليب الحجاجية منها:
·        أسلوب الإثبات: وظيفته  إثبات أن الحضارة الإنسانية تتنوع انتاجاتها الثقافية و تتعدد، "لا ريب في أن الحضارة الإنسانية منقسمة إلى فعاليات متنوعة.
·     أسلوب الاستطراب الاستثناء : وظيفته أن الفلسفة قادرة على توحيد التنوع الثقافي بالتركيز على الجودة في العمل بحيث يكون مبدعا خلافا لتستقطب كافة الناس رغم اختلافاتهم، "لكن التركيب الفلسفي يعني أمرا ... "

استنتاج :
الفكرة الأولى:
يرى صاحب النص أن الحضارة الإنسانية تنقسم إلى فعاليات ثقافية مختلفة ومتنوعة على عدة مستويات : فكرية، مادية، فنية وعلمية تبعا لاختلاف ثقافات كل مجتمع، بحيث لا تستطيع إلا الفلسفة لَــمّ هذا التنوع والاختلاف في وحدة مبنية على العمل المبدع والخلاق بين جميع الناس بالرغم من اختلاف مجتمعاتهم وثقافاتهم، لذلك تكون الفلسفة قد حققت وحدة الإنسانية داخل تعدد الأشكال والتعابير الثقافية المختلفة.
الفكرة الثانية:
يعالج هذا النص قضية فلسفية مرتبطة بالتعدد والتنوع الثقافي، وإمكانية البحث عن المشترك في هذا التعدد، وفي هذا الإطار يتبنى ارنست كاسيرر أطروحة مفادها أن الحضارة الإنسانية متنوعة من حيث انتجاتها المادية والفكرية حتى يبدو انه من المستحيل ردها إلى مقام مشترك، فالناظر في الاختلافات قد يلغي كل قاسم مشترك فيما بينها .
لكن التفكير الفلسفي التركيبي يسعى إلى اكتشاف الوحدة وراء هذا الاختلاف والتعدد الثقافي : فالصور الثقافية المختلفة تعمل من اجل غاية مشتركة وتعتمد عملية إبداعية خلاقة واحدة، وبالتالي هناك طابع عام مشترك يختفي وراء الاختلافات والتباينات الثقافية، ودور الفلسفة يكمن في السعي إلى اكتشاف الوحدة خلف هذا التعدد والتنوع .



  •  كيف نترابط مع بعضنا البعض ؟ 
مايكل كاريذرس
يقدم النص تصورا أنتربولوجيا لإشكالية التعدد الثقافي حيث يؤكد من خلاله مايكل كاريذرس أن البشر تمكنوا من خلق أواصر الترابط فيما بينهم رغم تعدد وتباين الثقافات واللغات والديانات الخاصة به .
إن الإنسان عاجز عن العيش بشكل منعزل بعيد عن الجماعة وهذا ما دفع به إلى العيش داخل المجتمع بفضل روح الترابط الاجتماعي، وهي خاصية جوهرية يتميز بها الإنسان عن باقي الأنواع الأخرى، كما يتميز الكائن البشري بالاهتمام المتبادل ببعضه البعض والاعتمادية الهائلة على بعضه البعض مما جعل مجتمعه قابلا للتغير بشكل مستمر والدليل على ذالك قدرة الإنسان على خلق مجتمعات متنوعة الأشكال وشديدة التعقيد : ففي جزيرة غينيا الجديدة مثلا نجد سبعمائة لغة وعن هذا التنوع اللغوي يترتب تنوع ثقافي وقس على ذالك أسيا وإفريقيا وأوروبا حتى أمريكا الشمالية التي يظن الكثيرون أنها متجانسة، لذالك فالملاحظ هو التنوع والتعدد على جميع المستويات لكن في نفس الوقت هناك ترابط وانسجام بين البشر داخل هذا التنوع وذالك التعدد

المحور الرابع : التنوع الثقافي مادة الفلسفة للجذع المشترك العلمي